-

توارد الخواطر بين العلم والواقع: هل يمكننا فعلاً التواصل عبر الأفكار؟

صورة توضح مفهوم توارد الخواطر بين شخصين

ما معنى توارد الخواطر؟

توارد الخواطر، أو التخاطر (Telepathy)، هو ظاهرة نفسية يُقصد بها القدرة على نقل الأفكار أو المشاعر من شخص إلى آخر دون استخدام أي وسيلة حسّية أو فيزيائية معروفة، مثل الكلام أو الكتابة أو الإيماءات. يُقال إن شخصًا ما "يشعر" بما يشعر به الآخر، أو "يعرف" ما يدور في ذهنه، كما لو كانت هناك قناة غير مرئية بين عقلين تتبادلان المعلومات.

هذه الظاهرة تُعرف منذ قرون، ووردت في ثقافات مختلفة، من الفلسفة الشرقية إلى الغرب الحديث، وغالبًا ما تُربط بالروحانيات أو القدرات الخارقة.


هل التخاطر ممكن علميًا؟

 آراء تؤيد إمكانية التخاطر:

رغم أن المجتمع العلمي السائد لا يعتبر التخاطر علمًا دقيقًا، فإن هناك بعض الدراسات والتجارب التي حاولت إثبات وجود هذه الظاهرة:

✅ تجارب "الغانزفيلد" (Ganzfeld Experiments):
هذه تجارب أُجريت منذ السبعينات لمحاولة التحقق من وجود التخاطر بين شخصين في غرفتين منفصلتين.
في بعضها، كانت نسبة النجاح (نقل الفكرة أو الصورة الذهنية) أعلى من المصادفة العشوائية، مما جعل بعض الباحثين يعتقدون أن هناك احتمالاً لوجود نوع من التواصل العقلي.

✅ دراسات الدكتور "روبرت شيلدريك" (Rupert Sheldrake)

وهو عالم بيولوجيا بريطاني، أجرى دراسات حول شعور الناس عندما "يعرفون" أن شخصًا ما ينظر إليهم من خلفهم، أو أنهم سيستقبلون اتصالًا من شخص معين.
يرى أن هناك "مجالًا مورفوجينيًا" يربط العقول، لكنه لم يُثبت علميًا بعد.

✅ التخاطر عند التوائم:

كثيرًا ما يُروى عن التوائم المتطابقين شعور أحدهم بما يحدث للآخر من ألم أو فرح أو خطر، حتى لو كان على بُعد آلاف الكيلومترات.

 آراء علمية معارضة:

من الناحية الأكاديمية، يظل التخاطر مرفوضًا من قبل أغلب العلماء، للأسباب التالية:

✔ غياب التفسير الفيزيائي:
لا توجد نظرية فيزيائية واضحة تشرح كيف يمكن لعقل إنسان أن يبث أو يستقبل موجات عقلية تؤدي إلى نقل معلومات دون أي وسيط مادي.
✔ عدم إمكانية التكرار:
في العلوم، التجربة يجب أن تكون قابلة للتكرار بنفس النتائج. لكن تجارب التخاطر غالبًا ما تفشل عند تكرارها تحت ظروف صارمة.
✔ تأثير التحيز والانحراف الذهني:
النقاد يرون أن الظاهرة تُفسَّر غالبًا عبر عوامل نفسية، مثل "الصدفة"، أو "التحيّز الإدراكي"، أو "الرغبة في التصديق".
✔ غياب أدلة تجريبية قوية:
لا توجد أدلة علمية قطعية منشورة في مجلات علمية محكمة تؤكد وجود التخاطر كظاهرة واقعية.

ماذا يقول علم النفس؟

علم النفس لا ينفي تمامًا وجود أحاسيس مشتركة بين الناس، لكنه يربطها غالبًا بما يلي:

✔ الحدس (Intuition): القدرة على إدراك شيء ما دون تفكير واعٍ.
✔ الترابط العاطفي: خاصة بين الأمهات وأبنائهن أو بين الأزواج.
✔ الذكاء العاطفي: حيث يستطيع الإنسان قراءة تعابير وجه الآخر أو لغة جسده حتى وإن لم يتحدث.

الرؤية الدينية والروحانية:

✔ في الإسلام وبعض الديانات الأخرى، لا يوجد نص صريح يؤيد التخاطر، لكن هناك حديث عن الروح، الحدس، والإلهام.
✔ في بعض المدارس الصوفية، يُعتقد أن الأرواح المتقاربة يمكن أن تتواصل على مستوى غير مادي.
✔ في الفلسفات الشرقية، مثل البوذية والهندوسية، يُعتقد أن التخاطر ممكن من خلال التأمل العميق وضبط النفس.

هل يمكن تجربة التخاطر عمليًا؟

صورة لرجل يحاول تجريب توارد الخواطر

هناك عدد من الأشخاص يدّعون أنهم طوّروا مهارات التخاطر عبر الممارسة، ويدعون إلى اتباع خطوات تساعد على ذلك. إليك أبرز الخطوات المتداولة:


خطوات عملية لتجربة التخاطر:

1. تهيئة العقل:

- اجلس في مكان هادئ وخالٍ من المشتتات.
- مارس التأمل أو التنفس العميق لعدة دقائق لتصفية ذهنك.

2. تحديد الهدف:

- اختر شخصًا تربطك به علاقة قوية أو عاطفية (أفراد العائلة، شريك، صديق مقرّب).
- تأكد أنه ليس نائمًا أو منشغلًا جدًا.

3. التخيل العقلي:

- تخيّل الشخص الآخر بوضوح، ملامحه، صوته، عينيه.
- تصوّر أنك تتحدث معه بصمت، وكأنك ترسل إليه رسالة داخلية.

4. إرسال الرسالة:

- فكّر في فكرة بسيطة، كلمة أو صورة (مثلاً: وردة حمراء، "أنا أفكر فيك").
- ركّز على إرسالها من عقلك إلى عقله كما لو كنت تبثها عبر طاقة.

5. الاستقبال (إذا كنت المتلقي):

- إذا شعرت فجأة بتدفق فكرة أو صورة، سجّلها.
- لاحقًا، تأكد من الشخص الآخر إن شعر بشيء مشابه.

6. التكرار والتدريب:

- كرر هذه العملية بانتظام. يقول الممارسون إن النتائج تتحسن بالممارسة المستمرة.

نصائح لتحسين نتائج التخاطر:

- أفضل وقت للتجربة هو قبل النوم أو في الصباح الباكر.

- المشاعر القوية (حب، اشتياق، خوف) قد تزيد فرص نجاح التخاطر.

- الغذاء الصحي، التأمل، وممارسة اليوغا قد تساهم في رفع "ذبذبات الطاقة"، حسب بعض المدّعين.


خاتمة: بين العلم والإيمان

رغم أن التخاطر لا يُعدّ علمًا معتمدًا أو مثبتًا بالتجارب القاطعة، فإن العديد من الناس ما زالوا يؤمنون به ويجرّبونه في حياتهم اليومية. العلم لا ينكر إمكانية وجود أشياء لم تُكتشف بعد، لكنه يطلب دليلًا واضحًا. في المقابل، التجارب الشخصية تبقى محفّزة ومثيرة، حتى إن لم تجد تأكيدًا من المختبرات.

في النهاية، تبقى حرية الإيمان أو الشك متروكة لكل فرد، لكن لا ضير من التجربة طالما أنها لا تضر، وقد تقوّي علاقتك بالآخرين أو بنفسك.

مقالات عربية عن توارد الخواطر :

  1. توارد الخواطر: هل جربته يوماً؟ – شبكة النبأ المعلوماتية
    يناقش مفهوم توارد الخواطر من زاوية تأملية، ويشرح العلاقة بين التركيز العقلي والنية وبين حدوث التخاطر.

  2. التخاطر: ما هو؟ وما أنواعه؟ – العربي الجديد
    يقدم تعريفًا شاملاً للتخاطر وأنواعه الثلاثة (العقلي، الغريزي، الروحي) ويشرح الظاهرة بأسلوب مبسط.

  3. توارد الخواطر.. هل هي حقائق علمية؟ – جريدة الرياض
    يطرح تساؤلات من زاوية علمية وتحليل منطقي، ويناقش احتمالية أن تكون مجرد مصادفة أو شعور نفسي متكرر.

  4. توارد الخواطر: عندما تتحدث الأرواح بلغة واحدة – مجلة سرى الثقافية
    يقدم تفسيرًا روحانيًا للظاهرة ويربطها بالعشق الروحي وتقارب الأرواح.

  5. التخاطر الذهني وتوارد الخواطر: ما هو؟ وكيف تجربه؟ – موقع طموح
    مقال تطبيقي يشرح كيف يمكن ممارسة التخاطر بخطوات بسيطة، ويعرض أمثلة من الواقع.

  6. بيولوجيا التخاطر.. هل التواصل من دماغ إلى دماغ ممكن؟ – سكاي نيوز عربية
    يناقش تجربة علمية حديثة استخدمت التكنولوجيا لنقل أفكار بين البشر، في تقارب مثير مع مفهوم التخاطر.

  7. ظاهرة التخاطر: التعريف والأنواع – موقع موضوع
    عرض مبسط ومرتب لظاهرة التخاطر وأنواعها المختلفة ضمن إطار الإدراك فوق الحسي.

    🕓 تم التحديث بتاريخ: 8 نوفمبر 2025 — سيتم تحديث هذا المقال بانتظام بمعلومات جديدة.

إرسال تعليق

0 تعليقات