في غضون بضع سنوات، سنصل إلى عام 2035، وهو العام الذي يحاول العديد من الخبراء استشراف ملامحه وتوقّع تحوّلاته استنادًا إلى التطورات التكنولوجية، الاقتصادية، والبيئية المتسارعة.
ومن المؤكد أن التنبؤ بالمستقبل مهمة معقّدة، خاصة في ظل أحداث غير متوقعة مثل خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي أو انتخاب دونالد ترامب، والتي أثبتت أن كثيرًا من الأحداث المفصلية لم تكن متوقعة حتى من أكبر مراكز التحليل. ومع ذلك، لا يزال السعي لتخيّل سيناريوهات المستقبل جزءًا مهمًا من التحضير والتخطيط.
في هذا السياق، أصدرت "مجالس المستقبل العالمية" ومراكز أبحاث عديدة مجموعة من التوقعات حول ما قد يكون عليه العالم في عام 2035. نعرض في هذا المقال أبرزها، إلى جانب بعض التوقعات الإضافية المستندة إلى التحليل المنطقي للاتجاهات الراهنة.
تراجع نسبة الشراء و التسوق
من المتوقع أن تقل رغبة الأفراد في امتلاك السلع، مقابل تزايد الاعتماد على الاقتراض أو الاستئجار عند الحاجة. هذا التوجه بدأ يتجسد حاليًا من خلال خدمات مثل تأجير السيارات، واستئجار الملابس والمجوهرات للمناسبات. في المستقبل، قد تصبح ملكية الأشياء أمراً استثنائياً، مع تزايد خدمات المشاركة والاقتصاد التشاركي.
يعتقد الخبراء أن فكرة الشراء ستضعف مقابل فكرة الاقتراض، بمجرد أن يحتاج شخص ما إلى شيء ما ، سوف يقترضه.
تراجع هيمنة الولايات المتحدة
يتفق العديد من المحللين والمراقبين على أن عام 2035 سوف يمثل بداية انحدار الغرب ونهاية الهيمنة الأمريكية. و أن الصين ستصبح بشكل تدريجي أكبر قوة في العالم بالإضافة إلى روسيا التي بالفعل تعتبرا حاليا منافسا قويا للولايات المتحدة وحلفائها. و سوف ترغب دول أخرى في منافسة الولايات المتحدة و الدول الأوروبية مثل الهند والبرازيل و جنوب أفريقيا.
ستتراجع حصة البلدان الغربية في الاقتصاد العالمي من 56٪ اليوم إلى 25٪ في عام 2035. ويرجع هذا التراجع الكبير إلى حقيقة أنه لن يكون لدى الولايات المتحدة وحلفائها الوسائل المالية اللازمة للاضطلاع بدور "رجال الدرك في العالم"الذي يقومون به الآن.
تراجع عدد المستشفيات
وفقاً لميلاني ووكر ، وهي طبيبة ومستشارة في البنك الدولي ، فإن تطوير التكنولوجيا سيؤدي إلى تراجع عدد المستشفيات.
سوف تقلل السيارات الذكية ذاتية القيادة من نسبة الحوادث ، و يمكن علاج الأمراض بسهولة أكبر بفضل التكنولوجيا الأكثر تقدمًا. بالإضافة إلى ذلك ، سوف يتطور الطب الوقائي بشكل أكبر يعني تراجع نسبة الإصابة بالكثير من الأمراض الشائعة.
يجب أن نأخذ بعين الاعتبار تطوير الطابعات ثلاثية الأبعاد التي من المحتمل أن تكون قادرة على صنع أعضاء اصطناعية تتطلب صيانة وتحكم أقل من الأعضاء الحقيقية.
استهلاك اللحم ؟
حول هذه النقطة ، تتضارب الآراء. يعتقد فريق البحث في هذه الدراسة أن اللحوم ستصبح طبقًا فاخرًا بحلول عام 2035 ولن تصبح عنصرًا أساسيًا في مطبخنا بفضل تزايد أعداد الأشخاص النباتيين. و هو ما يمثل خبرا جيدا سواء لصحة الأفراد أو للبيئة.
من ناحية أخرى ، فريق آخر لا يرى نفس الشيء ، في عام 2035 سيعيش 60٪ من سكان العالم في المدن . و ستصبح الطبقة الوسطى الطبقة الاجتماعية المهيمنة ب 3 مليارات شخص مقابل مليار حاليًا. هذا سيؤدي لإحداث ثورة في عادات الطهي بشكل عام: سوف نأكل الكثير من اللحوم أي المزيد من التلوث والمزيد من استهلاك المياه لإطعام الحيوانات.
هناك فرضية ثالثة حول اللحوم والطعام بشكل عام. البروتينات الاصطناعية يمكن أن تحل محل جميع اللحوم التي نأكلها. سيساعدها على ذلك خلوها من الكولسترول لصالح أحماض أوميغا 3 الدهنية الجيدة.
لاجئون في مناصب عليا
بحلول عام 2035 ، سيكون الأطفال اللاجئون بسبب عوامل الحرب أو المناخ في مقتبل العمر. سوف يتابعون دراستهم في أوروبا وسيصلون إلى مستويات عليا . لذلك فمن الطبيعي أن نجد العديد منهم على رأس الشركات الكبيرة أو المناصب المهمة. وستستمر هذه الظاهرة لعشرات وعشرات السنين ، حيث تشير التقديرات إلى أن مليار شخص سيضطرون إلى الهجرة بسبب عوامل الحرب أو المناخ . وبالتالي سيكون من المهم التأكيد على الاندماج الاجتماعي للمهاجرين واللاجئين.
سنسافر إلى المريخ
يحلم كثير من الناس باستكشاف الفضاء و أستوطان الكواكب الأخرى. وفقا لعلماء ناسا ، سنكون قادرين على نقل البشر إلى المريخ في 2035. وسوف يكون هذا أيضا فرصة لتأكيد وجود حياة خارج كوكب الأرض.
نهاية عصر الشاشات؟
من الممكن أن نقول وداعًا لشاشاتنا بحلول عام 2035. في الواقع ، من المحتمل تطوير تقنية Light Field Display (إسقاط الصور في 4 أبعاد) شيئًا فشيئًا ، من المرجح أن تحل هذه التكنولوجيا محل أجهزة التلفزيون وأجهزة الكمبيوتر والأجهزة اللوحية والهواتف. لذا سيتعين على قطاع الإلكترونيات بأكمله إعادة ابتكار نفسه.
التطور الجيني
في عام 2035 ، سيكون البشر قادرين على التعامل مع الجينات بشكل أفضل بكثير. ربما في عام 2035 سيكون لديك نمر معدل وراثيا في المنزل يكون بنفس حجم القطة.
حاليا ، يحظر التلاعب الجيني للبشر ولكن لا يستبعد أن يتغير هذا في المستقبل. الهدف؟ القضاء على الاضطرابات الوراثية في الأسرة ، وبالتالي إعطاء ميزة وراثية للأطفال ، سواء في المدرسة أو في الحياة بشكل عام. العواقب؟ المزيد من الجريمة واحتمال الاتجار بالبشر.
رؤية حادة
اليوم ، من الممكن بالفعل إجراء جراحة بالليزر لتحسين نظرك ، وهذا ما يسمى تقنية LASIK. بحلول عام 2035 ، سيكون من الممكن بلا شك أن نفعل ما هو أفضل. على سبيل المثال عن طريق إضافة عدسات التكبير بالأشعة تحت الحمراء التي ستحقق رؤية أكثر ثاقبة من الطيور الجارحة.
إذا كانت هناك بالفعل الآن أجهزة محمولة يمكنها الكشف عن الشمال المغناطيسي وأجهزة سونار و أنظمة تحديد المواقع، فإنها ستكون أكثر تقدمًا في عام 2035. سيكون لدينا بلا شك مساعد افتراضي شخصي سيساعدنا على الرؤية و التنقل.
ثورة في أنظمة التعليم
بحلول عام 2035، ستشهد أنظمة التعليم تحوّلًا جذريًا بفضل الاعتماد المتزايد على الذكاء الاصطناعي والتعلم المُخصص. سيصبح لكل طالب مسار تعليمي مصمم خصيصًا لقدراته، من خلال خوارزميات تتابع نقاط القوة والضعف لديه وتعدّل المواد التعليمية في الوقت الحقيقي. الفصول الدراسية ستصبح هجينة، تجمع بين الواقع الافتراضي والواقعي، ما يُتيح تجربة تعليمية غامرة وتفاعلية. كما ستُدمج المهارات الرقمية والذكاء العاطفي بشكل أكبر في المناهج الدراسية.
الذكاء الاصطناعي شريك دائم في العمل والحياة
سيتحول الذكاء الاصطناعي من مجرد أداة مساعدة إلى شريك دائم في بيئة العمل والمنزل. المساعدون الافتراضيون سيصبحون أكثر تطورًا، قادرين على إجراء محادثات شبه بشرية، والتنبؤ باحتياجاتك، وحتى مساعدتك في اتخاذ قرارات مالية أو صحية. أما في بيئة العمل، فستُدار مشاريع بالكامل عبر الذكاء الاصطناعي، مما سيجعل كثيرًا من المهام الإدارية والتنفيذية مؤتمتة بالكامل.
الطاقة المتجددة في كل مكان
سيشهد العالم قفزة كبيرة في الاعتماد على الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، لدرجة أن بعض البلدان ستتخلى كليًا عن الوقود الأحفوري. ستُخزن الطاقة الزائدة باستخدام بطاريات عملاقة تعمل بتقنيات النانو، وستُدمج الألواح الشمسية في كل شيء: من نوافذ المنازل إلى ملابسنا وحتى مركباتنا.
الوظائف التقليدية تختفي... ووظائف جديدة تولد
في 2035، سيختفي عدد كبير من الوظائف التقليدية، خصوصًا في قطاعات مثل النقل، التصنيع، والخدمات الإدارية. في المقابل، ستظهر وظائف جديدة بالكامل مثل "مهندس الواقع الافتراضي"، "مراقب أخلاقيات الذكاء الاصطناعي"، و"مصمم بيئات رقمية". وسيُصبح من الطبيعي تغيير المسار المهني عدة مرات خلال حياة الفرد، نتيجة تغيرات السوق السريعة.
المدن الذكية: تنظيم الحياة بكفاءة عالية
المدن في 2035 ستكون "ذكية" بكل معنى الكلمة. ستدار أنظمة المرور، الإضاءة، جمع النفايات، والأمن بشكل آلي بالكامل، مع استخدام واسع لتحليل البيانات الضخمة. سيكون بإمكان المواطنين التفاعل مع حكوماتهم بلحظات عبر تطبيقات رقمية موحدة. كما ستُراقب جودة الهواء والمياه في الوقت الحقيقي، مما يُحسّن من جودة الحياة في الحواضر.
التغير المناخي... والعودة إلى التوازن؟
رغم القلق المتزايد بشأن التغير المناخي، تشير بعض الدراسات إلى أن بحلول 2035 قد تبدأ بعض الجهود الدولية في إعطاء نتائج إيجابية، مثل خفض درجات الحرارة في بعض المناطق، وزيادة التشجير، وتراجع انبعاثات الكربون في الدول الصناعية. ومع ذلك، ستظل بعض المناطق مهددة بالجفاف وارتفاع منسوب البحار، مما سيُبقي قضية المناخ في صدارة الأجندة العالمية.
ما بعد 2035: مستقبل مفتوح على الاحتمالات
عام 2035 سيكون محطة مفصلية في تاريخ البشرية، ليس فقط لأنه يجمع كثيرًا من التغيرات الكبرى، بل لأنه قد يُمثل بداية مرحلة جديدة بالكامل في علاقة الإنسان بالتقنية، بالبيئة، وبنفسه. التحدي الأكبر لن يكون فقط في التكنولوجيا، بل في مدى قدرتنا الأخلاقية والاجتماعية على التكيف مع هذا المستقبل.
______________________________















0 تعليقات